مقتطفات مختارة من مقال جريدة الصباح – عدد 14 نونبر 2011
إعداد: إحسان الحافظي وجمال بورفيسي ورشيد باحة وعبد الله الكوزي , تصوير أحمد جرفي
الاتحاد الاشتراكي من رئاسة الحكومة، في عهد حكومة التناوب، إلى تمثيلية سيادية، بوزارات وازنة في حكومة إدريس جطو، وصولا إلى تخفيض مستوى التمثيل الوزاري في حكومة الفاسي، حين قبل بوزارة بدون حقيبة تأخر الاتحاد الاشتراكي في الخروج من صدمة نتائج انتخابات 2007 ، فقد كانت خسائر "الكبوة" كبيرة، عصفتبالكاتب الأول للحزب، سابقا، محمد اليازغي، وجعلت من مؤتمره الحزبي العادي استثنائيا تطلب جولتين قبل الحسم، ثم جاءت الانتخابات الجماعية لتكرس أزمة "النتائج" بأن ارتقى الحزب من الرتبة الخامسة، في الانتخابات البرلمانية، إلى الرتبة الرابعة في نظيرتها الجماعية 2009 . تحالفات الاتحاد الاشتراكي، ليست دائما واضحة، فهو في الحكومة متحالف مع اليمين، وفي الجماعات المحلية يشكل أغلبية إلى جانب الإسلاميين، العدالة والتنمية، وفي الشارع يتحالف مع اليسار، وخلال الانتخابات يعود إلى بيت الكتلة الديمقراطية. استضافت »الصباح » قياديي الحزب، الحبيب المالكي وإدريس لشكر، لمناقشة محاور تفاصيلالبرنامج الانتخابي لحزب الاتحاد الاشتراكي، وقراءته لحصيلة الحكومة الحالية، وتدبيره للانتخابات التشريعية المقبلة، ومسألة تجديد النخب البرلمانية والصراع القائم حول اللائحة الوطنية، ثم أخيرا، كيف ينظر الاتحاد إلى انتخابات 25 نونبر؟
دافع إدريس لشكر عن موقف الاتحاد الاشتراكي منذ مشاركته في أول تجربة حكومية، أو ما سمي التناوب واعتبر عضو المكتب السياسي للحزب، أن التعامل مع مشاركة الاتحاد الاشتراكي في فترة الانتقال الديمقراطي تم بشكل عددي وليس كيفيا، مذكرا بمساهمة الحزب في الانتقال. وقال لشكر إن التاريخ يسجل أن الحزب كانت له القدرة على المساهمة، إلى جانب الملك الراحل الحسن الثاني، في ضمان انتقال ديمقراطي هادئ وسلس، وهي اللحظة، يقول لشكر، «التي شكل خلالها الحزب صمام أمان، لإنقاذ البلاد وإجراء تمرين لمختلف مؤسسات البلاد، في أفق التحضير لانتقال دستوري حقيقي »، مشيرا إلى أن هذا المجهود الذي بذل في ظروف استثنائية، ماليا وسياسيا واقتصاديا، وما أحاط بالمرحلة من ظروف، كان له تأثير على الحزب الذي خطا بالبلاد نحو التجاوز الإيجابي لأخطاء الماضي وخلق حالة من التعايش واعتبر إدريس لشكر، أن الذي وقع مع حجم الخصاص الاجتماعي، «أن الكتلة الناخبة لم ترحم الاتحاد الاشتراكي»، كما لم تُحترم المنهجية الديمقراطية سنة 2002 ، واليوم ونحن على مسافة زمنية من انتخابات 25 نونبر، كانت نظرة الناخب ستختلف لوأن الحزب اتخذ قرارا آخر غير المشاركة في حكومة "جطو"، مشيرا إلى أن هذا الأمر جر على الحزب "كبوة" انتخابات 2007 ، التي احتل خلالها الاتحاد الاشتراكي الرتبة الخامسة، كما أن تدبير المرحلة لم يكن جيدا، وهي أمور وقف عليها المؤتمر الأخير للحزب.
من جهته، قال الحبيب المالكي، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، إن «الحزب فاعل تاريخي مستقبلي، وليس ظرفيا يستهلك، له رؤية وثوابت وتعاقد مع الشعب المغربي وله ذاكرة ، وشدد المالكي على ضرورة أن يؤخذ بعين الاعتبار البعد التاريخي لاستيعاب مواقف الفاعلين السياسيين وتقديم تشخيص للراهن، مشيرا إلى أن الاتحاد الاشتراكي، بهذا المعنى، ساهم في التأسيس لانتقال ديمقراطي منذ سنة 1998 ، وقد تم «تدبير الانتقال على أساس التوافق، وكانت للأمر كلفته والاتحاد علم أنه سيرفع هذه الكلفة، بما فيها تدبير التناقضات الداخلية وتراكمات الماضي، لأنه فضل تغليب الوطنية ومصلحة البلاد ». وأضاف المالكي، أنه لولا انتقال 1998 لما كان دستور 2011 ، ف "الأمر لا يتعلق بمساهمة موسمية بل بثابت، لأن رسالة الاتحاد الاشتراكي هي التغييرالديمقراطي، وهذا يخضع لمنطق مرحلي.
من الانتقال الديمقراطي إلى الانتقال الدستوري
وفي شأن الإصلاحات الدستورية الأخيرة، قال إدريس لشكر، إن الجميع خلص في مرحلة معينة، إلى أن الأزمة هي أزمة سياسة، وليس
أزمة الاتحاد الاشتراكي أو أي حزب آخر، مضيفا أنه في هذا السياق طرح الإصلاح الدستوري، و "الحزب الوحيد الذي عبر عن قناعة بضرورة تعجيل الإصلاح السياسي والدستوري هو الاتحاد الاشتراكي" وكشف لشكر أنه "حتى حلفاء الاتحاد لم ينخرطوا في مبادرة الإصاح الدستوري التي بادر إليها الحزب، قبل رفعها إلى جلالة الملك" [سنة 2009]،مشيرا إلى أن بعض الأحزاب، اعتبرت، حينها، أن الأمر مستعجل وأخرى لم تتجاوب مع المبادرة، غير أنه، يقول إدريس لشكر، سيقر الجميع بضرورة معالجة الإشكال الدستوري لضمان الانتقال من مطلب الانتقال الديمقراطي إلى مطلب الانتقال الدستوري.
وذكر عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، أن الحزب تفاعل بشكل إيجابي مع خطاب 9 مارس، واعتبر أنه يستجيب لكل مطالب الحزب التي وردت في البيان العامللمؤتمر الحزبي، مضيفا "اعتبرنا أن المسألة الدستورية يجب أن يفت ح فيها حوار وطني مع كل الفاعلين، بوصفها منهجية اشتغلنا عليها في تقديم الخطوط العريضة لمبادرة الإصلاح الدستوري التي اقترحها الحزب".
من جهته اعتبر المالكي، أن الاتحاد الاشتراكي سيخرج إلى المغاربة بحصيلة سياسية يعكسها برنامجه الانتخابي السياسي، مضيفا أن الزمن السياسي الحالييتطلب تقديم برنامج انتخابي مختلف، ف "الاتحاد الاشتراكي كان أول من رفع شعار الإصلاح السياسي والدستوري، وخلق كل هذه الدينامية التي يجب استثمارها في خلق جو سياسي جديد "، كما أن توظيف هذا الشعار ينطلق من فكرة أساسية مفادها أن الاتحاد أسس للمرحلة الجديدة التي يقبل عليها المغرب.
ونبه القيادي الاتحادي، أن التعثر الذي ميز المشهد السياسي، بدأ مع الخروج عن المنهجية الديمقراطية سنة 2002 ، مضيفا أنه «لو استمرت التجربة بكيفيةطبيعية، وبالاحتكام إلى نتائج الانتخابات، واعتماد منهجية ديمقراطية، لعاش المغرب منطق تسريع وتيرة الإصلاح بشكل طبيعي »، غير أنه لا يجب أن نغفل المكتسبات، يقول المالكي، رغم التراجعات والممارسات التي
ساهمت في تمييع المشهد الحزبي، بمبادرات غير محسوبة.
أزمة الترشيح والتوريث
وبخصوص تدبير ملف ات الترشيحات، سيما في اللائحة الوطنية للشباب والنساء، قال الحبيب المالكي، إن "الاتحاد ليس تجمعا عائليا، ومنذ تأسيسه لم يؤمن بالتوريث، لأن ثقافة الحزب هي نقيض التوريث، ومعايير ال ترشيح كانت واضحة وأقرها المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي" ، مضيفا، تعليقا على المشاكل التي أثارها إقصاء البعض وتضمين البعض الآخر في اللائحة الوطنية، أن "الديمقراطية ليست دائما فضيلة" ، مؤكدا أن المكتب السياسي بت في الترشيح بناء على المعايير التي وضعها المجلس الوطني، وفي بعض الحالات اضطر إلى التحكيم لتدبير الأمور المستعصية.
وقال إدريس لشكر، إن الأساسي في عملية الترشيح، هي أن نذهب إلى الانتخابات التشريعية موحدين، لأنه لا يمكن لأحد أن يتدخل في قناعات القيادة الحزبية بشأن التصويت على ترتيب اسم دون آخر، مؤكدا إضافة معيار جديد بالنسبة إلى اللائحة الوطنية الخاصة ب النساء، هو التداول لتجديد النخب النسائية الاتحادية داخل مجلس النواب، كما أن الحزب، يقول لشكر، جدد أكثر من 80 في المائة من المرشحين للانتخابات البرلمانية التي تجري في 25 نونبر المقبل.