Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

 *** بداية، السيد لشكر، نود أن نعود بكم إلى جلسة الإثنين الماضي، التي خُصصت للتصويت على النظام الداخلي لمجلس النواب، والتي أثارت جدلا واسعا، وعرفت نقاشا ساخنا، وتميزت بالخصوص بانسحاب الفريق الاشتراكي والتجمع الوطني للأحرار منها، هل لكم أن تسلطوا المزيد من الضوء على ما وقع؟

** هذه الجلسة كان لها ما قبلها، النظام الداخلي هو الآلية الأساسية التي تنظم علاقة النواب بعضهم ببعض، وعلاقتهم بالأجهزة البرلمانية كالرئاسة،  والمكتب، واللجان، و الفرق و غيرها, وعلاقة هذه الأجهزة بعضها ببعض، ثم علاقة المجلس بمختلف مؤسسات الدولة، خاصة الحكومة. ولذلك كان من الواجب ايلاء هذه العملية ما تستحقه من أهمية و جهد و وقت لتجويد أداء البرلمان ارتكازا على  مرجعيات  الدستور خاصة الإحداث المرتبط بموقع المعارضة ، ثم الخطب الملكية حول الموضوع و كذا الأنظمة الداخلية السابقة، والقرارات السابقة للمجلس الدستوري في الموضوع.

ومن هذا المنطلق، كان يمكن أن نٌنتج نظاما داخليا يٌسعف في تطوير أداء مجلس النواب. لكن، مع الأسف تصرف المجلس كأن المغرب لم يعرف دستورا جديدا، ولم يلج  مرحلة جديدة، بل على العكس من ذلك، وقعت تراجعات خطيرة انطلاقا مما يلي:

من حيث الشكل، لم يُطرح النظام الداخلي بما يحترم الضوابط والقوانين. قيل إن المجلس كان تحت الضغط، وأنه كان في حاجة إلى آلية تُسعفه في القيام بوظائفه، وأنه كان من الضروري التعجيل بتحقيق الملاءمة مع الدستور الجديد، و هي ادعاءات غير صحيحة لأن كل برلمانات العالم تبدأ عملها طبقا للقواعد و التراكمات المحققة كما كان الأمر بالنسبة لانتخاب الرئيس السيد كريم غلاب  و لتقديم البرنامج الحكومي من طرف رئيس الحكومة و مناقشته من طرف المجلس. و حتى عندما تطلب الأمر قواعد جديدة فانه تم إقرارها و العمل بها إلى حين صياغتها و التنصيص عليها في القانون الداخلي و هي المسطرة التي اتبعناها في تشكيل مكتب مجلس النواب وشروط تكوين الفرق و المجموعات النيابية.

لكن حينما وصلنا إلى مجال المراقبة، المتمثلة في الأسئلة الشفوية، و الذي تحتل فيه المعارضة دورا محوريا وأساسيا رُفع سيف " لا وجود لقانون داخلي" وصدر بلاغ يتحدث عن تأجيل جلسة الأسئلة الشفوية.

 

*** ولكن ألم يكن تبرير تأجيل الجلسة الشفوية بعدم إقرار المحكمة الدستورية بدستورية النظام الداخلي، مقنعا؟

** نحن في الاتحاد الاشتراكي, و كنا الحزب الوحيد الذي أصدر بلاغا في الموضوع, نحتج على مصادرة حق المؤسسة في الرقابة إذ أن إلغاء الجلسة التي تعتبر أحد أهم الوسائل الدستورية للمراقبة يعتبر خرقا للدستور. و لذلك فإننا لا نفهم بعض الأصوات التي عابت علينا تشبثنا بالمساطر و الشكليات, إذ أن ما يعتبر شكليات و مساطر فقط هي في حقيقة الأمر الحامية للديموقراطية و حقوق المواطنين, و هي التي تحول دون الخروقات و التعسفات, و هي التي تحافظ على التوازن بين مختلف السلطات كما تضمن استقلاليتها.

مع كامل الأسف يرد على بلاغنا ببلاغ صادر عن مؤسسة مجلس النواب لا يحمل توقيعا لأن المؤسسات التي لها حق التحدث باسم مجلس النواب واردة على سبيل الحصر في الدستور, و لما طلبنا من الرئاسة توضيحات بشأنه كان العذر أفضع من الزلة إذ أجابتنا مديرية لا أحد كان يعلم بوجودها و هي مديرية الإعلام و التواصل و التي لا حق لها في التدخل في شؤون النواب و الفرق و الأحزاب أو التعقيب على آرائهم.

و واقعيا فالتبرير المستند إليه غير معقول كما أوضحت سابقا فقد عقدنا جلسات انتخاب الرئيس و المكتب و تشكيل الفرق و مناقشة البرنامج الحكومي دون انتظار قرار المجلس الدستوري مما يطرح تساؤلا, يرقى إلى مستوى التشكك المشروع, حول الأهداف من وراء الدفع لتمرير النظام الداخلي بهذه السرعة دون تمكين النواب من حقهم في المناقشة.

و دليلنا في ذلك أن قرار المجلس الدستوري بهذا الشأن (و الذي تطلب منه ما يزيد عن 3 أسابيع من الدراسة كما هو ثابت من محتوياته) أرجع للنواب أزيد من ثلث مواده لمراجعتها بعد أن أبطل 29 مادة و طالب بتعديلات على 24 مادة أخرى. أي أن المؤسسة الموكول لها أمر التشريع و إصدار القوانين تعجز عن إصدار قانون ينظم علاقاتها متلائم مع الدستور. و للعلم فان النظام الداخلي السابق لم يرفض المجلس الدستوري منه إلا 4 مواد (اثنين منها مكررتين).

 

كأن الهدف من الاستعجال هو حرمان النواب من حق الإطلاع حيث اكتفي بتلاوة ملخص عن قرار المجلس الدستوري استغرق أقل من دقيقة في مستهل جلسة الأسئلة الشفوية يوم الاثنين في حين أن القرار مضمن في 16 صفحة. ثم تلتها جلسة البث في 6 تعديلات فقط من أصل 53 مادة. و هي تعديلات وزعت في الجلسة دون أن تحمل أية توقيعات لمقترحيها و دون تبرير لأسباب تفضيلها و انتقائها عن غيرها من المواد, و هو ما استدعى من الفريق الاشتراكي التدخل و إبداء الملاحظات المشار إليها سابقا مضيفا أنه لا يجوز لمجلس النواب أن يعطي الأولوية لمواد دون أخرى صرح المجلس الدستوري بعدم دستوريتها, كما أنه لا حق للمجلس أن يختار بين الأحكام ما سيعدل و ما سيستثنى من التعديل.

و استند الفريق الاشتراكي في موقفه لقرار صادر عن المجلس الدستوري تحت عدد  01 .456 ملف رقم 01. 551 بشأن تعديلات أدخلها مجلس المستشارين على نظامه الداخلي و أحالها على المجلس الدستوري دون أن يحترم فيها قرارات سابقة للمجلس الدستوري التي لا  تقبل أي طريق من طرق الطعن و تلزم كل السلطات العامة، حيث اكتفى المستشارون بتعديل بعض المواد دون أخرى كما هو الشأن اليوم فقضى المجلس الدستوري بعدم القبول على  الحالة, معللا ذلك بأنه لا يجوز للمجلس عند قيامه بالتعديل أن يعطي الأولوية لمواد دون أخرى و لا يحق له أن يختار بين الأحكام التي سرح المجلس الدستوري بعدم مطابقتها للدستور و كذا التي ستعدل و التي ستستثنى من التعديل.

و رغم كل هذا وقع الإصرار على تمرير النظام الداخلي رغم كل هذه العيوب مما يؤكد أن هناك خلفيات سياسية تهدف إلى تقزيم المعارضة و تلجيمها و هو ما يتناقض مع روح الدستور الجديد.

 

أضف الى ذلك أنه لأول مرة في تاريخ المجلس يتم اعتماد نظام داخلي على قاعدة الأغلبية العددية لا الإجماع.

 

و من حيث المضمون فإن القواعد المنظمة لطريقة طرح الأسئلة الشفوية، والجلسة الشهرية التي سيعقدها رئيس الحكومة، سيجعل الحوار بين الأغلبية والمعارضة مجرد حوار الطرشان، إذ سينحصر بين الحكومة وأغلبيتها. فعند قراءة فصول النظام الداخلي لا تجد أي جديد في ما يتعلق بدور المعارضة المنصوص عليه دستوريا, بل يمكن الحديث عن تراجعات عما كان عليه الوضع قبل دسترة دور المعارضة. لقد ظهر، منذ البداية، توجه لدى الأغلبية يقوم على الاعتماد على التصويت،وهو أمر خطير، لأن الاعتماد على هذه المنهجية، سيؤدي إلى إسكات المعارضة. ما أتخوف منه أنه باسم الديمقراطية والتصويت سيتم إسكات المعارضة، حتى في ما يتعلق بالمساطر، وبالمناسبة، لم يحدث أن  تم تمرير النظام الداخلي، في السابق، بمنطق الأغلبية، حتى في السنوات الصعبة، كان الفريق الاشتراكي، يراعي مسألة التوافقات والإجماع حول العديد من القضايا، ومنها خلال إعداد النظام الداخلي، لقد اختير نائبا من فريق العدالة والتنمية  مقررا  للجنة، حينما كان في المعارضة، على اعتبار أن المجال الذي يجب أن يتفق الجميع حوله هو النظام الداخلي، ولذلك كان الأمر يتطلب في بعض الأحيان ستة أشهر أو حتى سنة،  من أجل إنجاز النظام الداخلي، حرصا على التوافق. ويجب أن يتذكر هؤلاء أن النظام الداخلي الأخير، حظي بالتصويت بالإجماع.

ولنا في القانون المقارن خاصة في الأنظمة الداخلية للبرلمانات الأعرق في الديموقراطية نماذج من التوازن المطلوب لسير المؤسسات الديموقراطية. ففي فرنسا، المعارضة، حتى و هي تشكل أقلية، منصوص أن لها 50 في المائة من الأسئلة الشفوية. عندنا و رغم تأكيد المجلس الدستوري على ضرورة تحديد نسبة معينة من الأسئلة للمعارضة، فان التعديلات التي تم إدخالها، لم تحدد هذه النسبة و احتفظت بنفس قاعدة التمثيل النسبي مغيبة روح الدستور الجديد. إن هذا الواقع سيجعل رئيس الحكومة يحاور أغلبيته، في الوقت الذي كان من المفروض أن نستفيد من تجارب البلدان الأخرى، فالوزير الأول، بالنسبة إلى مجلس العموم البريطاني، يقف في مواجهة المعارضة، يحاورها، ويُجيب عن أسئلتها، ومن هنا يُطرح التساؤل هل هذه هي الديمقراطية التي أسس لها المغارب بتصويتهم على الدستور؟

الأخطر من ذلك، أنه حتى بالنسبة إلى استيعاب ظروف المرحلة، وهنا لا بد من استحضار المنهجية التي اعتمدتها بلادنا، في ما يتعلق بالإصلاحات الدستورية، والسياسية، إذ قامت على منهجية تشاركية، خضعت لنقاش واسع، وحوار وطني، وتأست لجان، وتم الاستماع إلى مختلف الأطراف، أما في ما يتعلق بالنظام الداخلي لمجلس النواب، فإن الأمر يختلف،  إذ اختفت المنهجية التشاركية، وجرى تهميش دور النائب، والمعارضة. لقد تم التصويت على تعديلات مجهولة التوقيع في زمن قياسي.

 

إن قواعد الديمقراطية والحوار يجب أن تحترم، ولذلك تخوفي اليوم أن تقع الإساءة إلى مؤسسات البلاد، لأن الجواب على ملاحظاتنا بشأن القرار الصادر عن المحكمة الدستورية كان هو فلتطمئنوا فقد وقعت الاستشارة مع المجلس الدستوري. نعتقد أن هذه ممارسة من ممارسة الماضي التي تضر بالبناء الديمقراطي و دولة المؤسسات.  لقد كنا نعتقد أننا اجتزنا هذه المرحلة من خلال إقرار دستور جديد، ونسعى إلى دخول مرحلة جديدة، ولذلك أخشى ما أخشاه، أن تفقد المؤسسات، ومنها مؤسسة البرلمان مصداقيتها، بسبب هذا النوع من الممارسات، وأكرر أن التشبث بالشكليات والمساطر فيه احترام لهذه المؤسسات وللديمقراطية. القرار واضح لا يحق للمجلس أن يتعامل بمنطق التجزيء مع قرارات المحكمة الدستورية، يختار منها ما يشاء ويترك منها ما يشاء.

 

 

في السياق نفسه، أريد أن أدقق في مسألة، وهي أنه لم يقع انسحاب من طرف الفريق الاشتراكي. موقفنا كان هو عدم المشاركة، لكن حينما أبلغنا موقف عدم المشاركة، وأرادت فرق أخرى أن تبلغ الموقف نفسه، ساهمت تدخلات الأغلبية في التشويش على موقف عدم المشاركة، وبالتالي، فإنه أثناء التصويت، كانت الرئاسة ستعلن عمن صوت بنعم، وبلا، وبالامتناع، وبالتالي، فإن مكوثنا في القاعة، لم يكن ليوضح مبدأ عدم المشاركة، الذي تبنيناه، وهو ما فرض انسحابنا، لإثبات موقف عدم المشاركة.   

   

لذلك، فإن التساؤل مشروع: ما الهدف؟ هل نريد برلمان نمطي، يتحدث اللغة نفسها، في الوقت الذي يحتاج المغرب إلى أن يكون البرلمان صدى لما يحدث في المجتمع،هناك حاجة إلى فضاء تدب فيه الحيوية، يجب أن تشد الجلسة الشهرية لرئيس الحكومة   الأنظار، ليس بمحاورة الأغلبية لنفسها لأنها ستكون بمنطق العام زين، بل من خلال حرارة النقاش، والحوار، والنقاش السياسي بين الحكومة والمعارضة، هذا إذا أردنا أن نوفر للمغرب حياة برلمانية تستأثر باهتمام الرأي العام الوطني. إن تحقيق التوازن المنشود بين الأغلبية والمعارضة، لا يمكن أن يتم إلا بهذه الطريقة.

 

*** ما صحة ما أشيع، أخيرا، حول خلافاتكم مع أحمد الزيدي، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، هل هناك،فعلا، خلافات؟

** لا أبدا غير صحيح و لا وجود لأي خلاف

 

*** ولكن ألم تتكون لديكم القناعة أنه لو توليتم رئاسة الفريق لكان الأداء أقوى؟

** أبدا، أولا على المستوى الأخلاقي، الأخ الزيدي يمارس هذه المهمة الصعبة عن جدارة، ولم ينازعه فيها أحد، ولا أحد كان له طموح، بل على العكس من ذلك. إن موقف عدم المشاركة في جلسة التصويت على النظام الداخلي اتخذه الفريق برمته، حتى المكتب السياسي أجمع على هذا  الموقف.

 

*** كيف تقيمون أداء الفريق النيابي للحزب؟

مُرض، نحن في البداية، وأنا مطمئن أن الفريق الاشتراكي بتشكيلته، ورئاسته، و نساءه و شبابه, سيضطلع بالأدوار السابقة التي كانت تلعبها المعارضة الاتحادية.

 

*** كيف تفسرون التأخير الحاصل في عمل مجلس النواب، إذ لم تعقد سوى جلسة واحدة مخصصة للأسئلة الشفوية، علما أن الدورة تُشرف على الانتهاء؟

** هناك ارتباك في عمل الأغلبية الحالية. بعد حوالي شهرين من تعيين الحكومة، هناك أمور ليست واضحة، وعلى سبيل المثال، لا أحد يعلم يقينا هل الحكومة ستعرض مشروع قانون المالية الذي سبق للحكومة السابقة أن أعدته؟ أم هل نحن بصدد مشروع قانون مالية تعديلي، وهل قاعدة واحد على 12 ستستمر، أم ستصدر مراسيم جديدة، خاصة و قد سحبت الحكومة كل مشاريع القوانين و قاعدة 1 على 12 للانفاق من أجل استمرارية مرافق الدولة تتطلب إيداع القانون المالي بمجلس النواب.

هذا هو الحوار الذي نحن في حاجة إليه، لكن مع الأسف يقال إن هذه شكليات، وكما سبق أن قلت، الشكليات هي التي تحمي المؤسسات،  إننا باعتبارنا نواب الأمة، لا نعلم هل ستسمر الدورة التشريعية، أم أنها ستختتم. مطلوب من هذه الأغلبية لو كانت أغلبية للحوار، أن تُشرك المعارضة في كل الخطوات، وفي منهجية العمل،  هناك ارتباك في المرحلة، والأغلبية مسؤولة عنه. إن ما يثير الانتباه، أننا كمعارضة لم ندخل في صلب مناقشة السياسات العمومية، لأننا نعتبر أنه لابد من منح الحكومة فرصة وحيز زمني للإشتغال، وهذا طبيعي، لكن الأغلبية دفعتنا إلى الدخول في قضايا ومعارك، البرلمان في غنى عنها.

 

*** يحضر الاتحاد الاشتراكي  لمحطة مؤتمره الوطني، ما هي أهميتها، وما هي الانتظارات المعلقة عليها، خاصة أنها تأتي بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي تميزت  بخروج الحزب إلى المعارضة، بعد 13 سنة من المشاركة في تدبير الشأن العام؟

** تعيش بلادنا مرحلة حاسمة في تاريخها من حجم المحطات الأساسية في تاريخ شعبنا (الاستقلال, المسيرة الخضراء, العهد الجديد)  فهناك تحولات كبرى، وطنيا، واقٌليميا ودوليا على رأسها إقرار الدستور الجديد. إذن فسمة المرحلة هي التنزيل الايجابي للاصلاحات السياسية الكبرى بصياغة القوانين التنظيمية و العادية التي ستكرس دولة المؤسسات. وكل تدبير سيء في هذه المرحلة سيؤثر على المستقبل، بدءا مما كنا نتحدث بشأنه قبل قليل، (المساطر، والنظام الداخلي) لأن كل تدبير سيء منذ البداية سيؤثر على قضايا ومواضيع رئيسية، على غرار موضوع الهوية، والتعامل مع القوانين المؤطرة لها.

محطة المؤتمر المقبل، يجب أن تحتل فيها مسألة الهوية دورا أساسيا، يكفل للحزب أن يلعب فيها دورا بالنسبة إلى التأويل الإيجابي لمضامين الدستور في ما يتعلق بهذه القضية.

إن محطة المؤتمر يجب أن تكون فرصة لنفتح فيها حوارا وطنيا، مع كل الفاعلين في المجتمع حول الحركة الاحتجاجية التي تتم اليوم بشكل عفوي، والتي يراد لها، أحيانا، أن تُوجه وجهة أخرى، لابد أن يكون للإتحاد موقف وممارسة في ما يتعلق بهذه الحركات الاحتجاجية، التي بدأنا نلاحظ أنها لم تعد تتخذ ذلك الطابع العنيف، الذي كانت تتخذه المظاهرات والمسيرات الشعبية، كل عشر سنوات، في بعض المدن الكبرى. الرقعة انتشرت اليوم،   وتوسعت لتشمل المدن الصغرى والقرى، والمطالب والشعارات التي ترفع مشروعة، عندما يتعلق الأمر بارتفاع فواتير الماء والكهرباء، أو بالشغل، كيف يمكن للحزب أن يلعب دورا أساسيا،  بشبيبته وفئاته الاجتماعية، والمهنية، في التوجيه الإيجابي لهذه الحركات الاحتجاجية، بما يجعل منها حركات فاعلة ومؤثرة، من خلال الحوار المسؤول مع مؤسسات الدولة.

  وإذا كانت الدولة بنت مؤسساتها منذ بداية الاستقلال، فلابد من الإقرار بأن الاتحاد الاشتراكي شيد مؤسسات المجتمع، فهو الذي  أسهم في بناء التنظيمات الشبيبية الأولى في البلاد، وكذا التنظيمات الطلابية، والحركات الحقوقية، والنقابات، وكل تنظيمات المجتمع المدني. يمكن أن يُحسب للإتحاد هذا الدور، اليوم على الاتحاد، في محطة المؤتمر، أن يسائل نفسه عن الطريق الواجب تلمسه للعودة الحقيقية والقوية لهذا الدور الذي ساهم به في ما يتعلق بإنشاء مؤسسات المجتمع من أجل أن يلعب دوره كاملا في تأطير الفئات المجتمعية التواقة للتغيير و الحداثة.

 

***تحدثت في حديث سابق مع "الصباح" عن مراجعات...

** المراجعات سيقوم بها الاتحاديون الذين عليهم أن يتجاوزوا كل الخصومات و الأحقاد و علينا أن نتوجه للمؤتمر موحدين و منفتحين على كل القضايا و الأفكار, منطلقين من تحليل سليم و علمي للتحولات التي عرفتها بلادنا و المنطقة و العالم, و من تشخيص موضوعي لأوضاع المجتمع منطلقين في ذلك من مرجعيتنا المذهبية المقررة في المؤتمر الاستثنائي سنة  1975  و المؤتمرات اللاحقة, وصولا الى طرح مشروع بديل تقدمي, ديموقراطي-حداثي. 

و على مستوى الهياكل، لا بد من التأكيد أن زمن الزعامات الخالدة والتاريخية انتهى و أن القيادات يجب أن تنتخب على أساس المشروع و البرنامج و أن كل استحقاق انتخابي يجب أن يكون محطة لتقييم آداء القيادات و تجديدها. من الضروري أن يحدث التداول في القيادات، على أساس أن القيادة تُحضر لمعركة، وإذا نجحت في المعركة أمكن لها أن تستمر في موقعها، وإلا فإن الأمر يتطلب عقد المؤتمر لانتخاب قيادة جديدة.  

 مع الأسف لدينا موروث فرنسي،  يتمثل في مكوث القيادات في مواقعها لفترات طويلة، عكس المجتمعات الأنجلو ساكسونية أو حتى الجارة اسبانيا. لقد ضخمنا هذه القضية، واقتنعنا أن القائد هو كل شيء، في حين أنه إذا كانت المؤسسات قائمة، يمكن للقيادة أن تلعب دورها ويسري عليها ما يسري على كافة المهام. هناك سن معينة للتقاعد السياسي و فسح المجل لتأهيل أجيال جديدة لتحمل المسؤولية. ما يحدث في المجتمع اليوم، يدعونا إلى التأمل في هذا الأمر والتفكير فيه، لأنه لم يعد ممكنا أن يستمر واقع القيادات التي تستمر لعقود من الزمن، ولذلك ستكون لنا مراجعة أساسية، في المحطة القادمة فيما يتعلق بهذه المسألة.


*** هل يعني هذا أنه سيتم تقييد الكاتب الوطني للحزب بعدد محدد من الولايات، لا تتعدى ولايتين، مثلا؟

 هذا الأمر يجب أن يصبح ثقافة، ولا يحتاج إلى قواعد قانونية، على غرار ما يحدث في المجتمعات الغربية، في ما يتعلق بالتداول على الزعامة الحزبية، يجب أن يكون تحصيل حاصل، حينما يتم انتخاب فرع،  من المفروض أن يواجه استحقاقات، إذا نجح في هذه المعركة، يمكن أن يستمر في التدبير، وهذا يصدق على المستوى الوطني، القيادة السياسية  تخوض المعارك ، إذا نجحت، يمكن أن تستمر، أما إذا أخفقت، يجب أن تتراجع إلى الوراء للسماح لقيادة جديدة  بالإشتغال، وفق برنامج و مشروع مجتمعي جديد.

 

*** هل ستذهبون إلى حد مراجعة هوية الحزب، بمعنى هل ستتم المراجعات الهوية الاشتراكية مثلا.  

 ** أأكد ما سبق أن صرحت به حول المراجعات الضرورية في ما يتعلق بالهوية الوطنية. أما هوية الحزب و مرجعيته الاشتراكية فعلينا فتح حوار داخلي من أجل تحيينها استجابتا للتحولات المجتمعية الكبرى.

 

** هل تعتقدون أنه بإمكان اليسار، والاتحاد الاشتراكي، أن يلعب دورا رياديا في  الساحة، كما في السابق؟

  أكيد. هناك أغلبية محافظة في الحكومة، سوف لن تبقى إلى الأبد، والسؤال المطروح هو مع من سيحصل التداول، مستقبلا؟ والجواب هو أن اليسار والاتحاد الاشتراكي هو المؤهل للانخراط في هذا التداول،  ما عدا إذا كانت هناك قوي أكثر محافظة. التراجع الذي حدث لنا ولليسار، في الاستحقاقات الانتخابية، سنناقشه في محطة المؤتمر الوطني المقبل، وسنقوم بتقييم الأسباب. وفي هذا الصدد، يجب أن نطرح للنقاش أدوار الدولة، هل ستبقى محايدة، في اللعبة السياسية، وفي التنافس السياسي. إن ما عاناه الاتحاد الاشتراكي، في وقت سابق، لعبت فيه الدولة أدوارا أساسيا، إضافة إلى أن الثمن الذي أداه الحزب مقابل مشاركته في تدبير الشأن العام، وهو ما نعتز به،رغم الضريبة التي دفعناها مقابل ذلك. إن حصيلة مشاركتنا في تدبير الشأن العام جد إيجابية، ونعتز بها، رغم ما يمكن أن يقال، سواء تعلق الأمر بالحريات، والإصلاحات السياسية، والدستورية، والتحولات الإيجابية التي حدثت، وحتى المشاريع  والبرامج الكبرى التي تحققت،  وبإمكان المغاربة أن يقارنوا بين الوضع قبل حكومة التناوب التوافقي، وبين  الواقع الآن، الحصيلة تشهد بذلك، ويجب أن نكون موضوعيين في الحكم.

 

نشر في عدد يوم 23 فبراير 2012

Tag(s) : #Actualités
Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :