Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

 

 

«أيتها السيدات، أيها السادة،
أيها الحضور الكريم، 

يشرفني أن أشارك في افتتاح هذا اللقاء المخصص لموضوع وقضية تستأثر باهتمام السياسيين والحقوقيين عبر العالم من دول وحكومات ومنظمات دولية بالنظر إلى ما يشهده العالم اليوم، وخاصة عالمنا العربي من أحداث وتطورات مما يجعل للموضوع راهنيته وأهميته موضع، قد يبدو الاهتمام به من باب الأنشطة النخبوية لكنه في الواقع من صميم النضال الحقوقي.

اسمحوا لي في البدء أن أثير معكم بعضا من أسباب اهتمامي والفريق النيابي الذي أنتمي إليه، وكذا حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بشكل عام بهذا الموضوع. إن الأمر بالنسبة إلينا يتعلق بموضوع وثيق الارتباط بالسياق الوطني أولا والسياق الإقليمي ثانيا (منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط) وبالسياق الدولي العام ثالثا. ذلك أن الأمر يتعلق بإحدى الآليات الهامة لتحقيق العدالة وإعمال سلطة القانون عن طريق تكريس ثقافة عدم الإفلات من العقاب، ومحاكمة كل المتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والتي حددتها المحكمة الجنائية في الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وجرائم الإبادة وجريمة العدوان.


وهكذا كان المغرب (خلال مؤتمر روما في 17 يوليوز 1998) من بين البلدان التي دعمت إنشاء محكمة جنائية دائمة وفعالة ومستقلة. وفي شتنبر من سنة 2000 وقع المغرب على معاهدة نظام روما الأساسي. وفي فترة قيادة الاتحاد الاشتراكي لحكومة التناوب، بعث الوزير الأول الأستاذ عبد  الرحمان اليوسفي إلى وزير العدل الأستاذ عزيمان كتابا يطلب منه فيه إعداد مشاريع القوانين التي تهم تعريف الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة الجنائية، إلى جانب جريمة التعذيب، وهو مسعى توفرت متابعته بعد تغيير الحكومة في خريف 2002.

كما علينا أن نتذكر أنه أثناء اشتغال هيئة الإنصاف والمصالحة، وبالضبط في أكتوبر 2004، نظمت الجمعيات المغربية لحقوق الإنسان، الفدرالية الدولية لرابطة حقوق الإنسان، والائتلاف العالمي من أجل المحكمة الجنائية الدولية تظاهرة بالرباط صدر عنها نداء يطالب المغرب بالمصادقة على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والمشاركة في أشغال الدول الأطراف. كما أن أشغال هيئة الإنصاف والمصالحة التي ختمت بتوصياتها، المرحب بها من طرف جميع الفاعلين السياسيين والحقوقيين، دعت في إحدى توصياتها إلى المصادقة على نظام روما.
وانسجاما مع مرجعيتنا الحقوقية كفريق اشتراكي، نظمنا يوما دراسيا بتنسيق مع الائتلاف المغربي من أجل المحكمة الجنائية الدولية بتاريخ 28 يونيو 2006 ،تدارسنا فيه كل الإشكاليات المرتبطة بالمصادقة على المعاهدة وخلصنا إلى قناعة بأن توفر الإرادة السياسية يمكن أن يساعد على تجاوز كل الأسباب التي يبدو ظاهرها صحيحا، لكن بالتعمق فيها وبالمقارنة مع العديد من التجارب الدولية التي لها نفس نظامنا السياسي، وصادقت على المعاهدة مما يستدعي تجاوزها والانخراط في المصادقة.

وقد حرصنا من أجل تحسيس الحكومة بهذا المشكل على وضع ثلاثة أسئلة شفوية: الأول بتاريخ 26/06/2006 والثاني بتاريخ 03/07/2006 والثالث بدورة أكتوبر 2006 وهو الذي تمت برمجته بجلسة 27/12/2006 والتي عللت فيها الحكومة موقفها بعدم المصادقة إلى عدم ملاءمة أحكام معينة بالنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية مع الدستور المغربي. واليوم وقد تغير الدستور المغربي، وعرفت بلادنا إصلاحات سياسية كبرى مما يستدعي مراجعة الحكومة لموقفها.

السيدات و السادة،
لقد وصل عدد الدول المصادقة على نظام روما إلى 121 دولة، لكن مع كل الأسف غابت عنه جل الدول المنضوية في الجامعة العربية باستثناء الأردن وجيبوتي، وجزر القمر وتونس مؤخرا.
إن غيابنا يجعل مشاركتنا في إقرار وصياغة التعديلات مشاركة ضعيفة، ونفس الشيء في اقتراح وانتخاب القضاة، ونفس الشيء في تطوير العدالة الجنائية عبر مؤسسة الدول الأطراف.

أيها السيدات و السادة،
إننا كبرلمانيين معنيون بهذه الهيئة وفي السياق الذي تعيشه منطقتنا مطالبون بدعمها لعدة اعتبارات نذكر منها:
1 إننا معنيون في جانب التصديق.
2 ونحن معنيون في جانب الملاءمة أي ملاءمة القوانين الوطنية حتى تكون متساوية مع النظام الأساسي للمحكمة. وهذا المجهود يتعين أن يتم خلال هذه الولاية التشريعية التي نص دستورنا الجديد والإصلاحات الواردة فيه، على سمو الاتفاقات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان على التشريع الوطني. كما نص على ضرورة الملاءمة خلال هذه الولاية.
3- نحن معنيون كذلك لأن البرلمانات مدعوة بحكم وظائفها التشريعية والرقابية إلى الحرص على صيانة حقوق الإنسان في كل أبعادها. وكبرلمانيين مغاربة نحن معنيون بإعمال مبادئ القانون الدولي الإنساني لارتباطها بقضية مركزية في اهتماماتنا الحقوقية، وهي المتعلقة بأوضاع إخواننا المحتجزين في مخيمات «تيندوف». 
إن مساءلة الدولة التي يستمر على ترابها الاحتجاز، تعد واجبا قانونيا وأخلاقيا قبل أن يكون سياسيا. إن ما تتعرض له انتفاضات المحتجزين من قمع دموي يؤكد بالملموس الحاجة إلى مساءلة المسؤولين عن هذه الممارسات. إن ما يجري في عدة مناطق من العالم، في فلسطين والعراق وأفغانستان وبعض بلدان الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، يستدعي وقفة حازمة من جانبنا لوقف القتل والإبادة الجماعية والتطهير العرقي.


Tag(s) : #Actualités
Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :