نرفض أي مساس بتماسك مؤسسات الدولة وأي استغلال سياسي للجائحة لتحقيق مصالح حزبية ضيقة

استضاف الزميل ادريس شحتان مدير قناة «شوف تيفي» و»أسبوعية المشعل» في برنامجه «ضيف خاص» ، نهاية الأسبوع الماضي ، ادريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، الذي حل ضيفا على برنامجه عبر تقنية التواصل عن بعد ، والذي ناقش معه مجموعة من المحاور في ظل حالة الطوارئ الصحية التي تعيشها البلاد، وماهي اقتراحات الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وإسهاماته الميدانية ورؤيته لما بعد الأزمة… من خلال طرح جملة من التساؤلات أجاب عنها الكاتب الأول بخطاب مطبوع بالمسؤولية الالسياالسية والشجاعة الفكرية في المواقف تجاه الدولة والمجتمع  والمشهد الالسياالسي المغربي..
في هذا الالسياق، تناول ادريس لشكر، مجموعة من القضايا التي أفرزتها تداعيات جائحة كورونا على المغرب والعالم، وآثارها البعيدة المدى على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والجيو- السياالسية، والفكرية.. ، وذلك في السياق مقاربات مطبوعة بالتحليل الدقيق، والوضوح والواقعية في التشخيص، والشجاعة الفكرية والالسياالسية في المواقف تجاه الدولة والمجتمع من جهة ، وتجاه حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية واليسار، سواء في العرض التقديمي أو في تفاعله مع الأسئلة المطروحة عليه ،حيث تطرق إلى الحياة الحزبية والالسياالسية ،وناقش الوضع الالسياالسي الراهن وطموحات الحزب في انتخابات 2021..
كما أن الكاتب الأول لم ينهج في حديثه إلى الرأي العام ، أسلوب الغموض والتبرير ونصف المواقف.. أو تفادي الغوص في حقيقة الواقع والوقائع التي تطرحها إكراهات المشهد الالسياالسي ..
وبنفس المسؤولية الالسياالسية ، أشاد الكاتب الأول بالحس الوطني والالسياالسي والإنساني الذي ميز الراحل المجاهد عبد الرحمان اليوسفي قيد حياته ، واستعدادات الحزب لإحياء الذكرى الأربعينية للراحل .. ، مشددا ، في إجاباته على أن مغرب اليوم في محك حقيقي ، أثبت فيه بالفعل بأنه دولة قوية تحترم المؤسسات ، سواء في صيغتها الدستورية أو القانونية ، وأن عملية تنزيل وتطبيق الحجر الصحي كانت نموذجا واضحا في الثقة ، ودليلا على أن هناك تجاوبا مطلقا مابين المؤسسات ومكونات المجتمع المغربي ..
ونظرا لأهمية ما جاء في الحوار ، ننشر الحوار على جزأين : الأول منه ، تناول فيه الكاتب الأول علاقته بالراحل المجاهد عبد الرحمان اليوسفي ، وماهي التدابير التي نهجها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في زمن الجائحة أو مابعد رفع الحجر الصحي .. ، على أن ينشر الجزء الثاني من الحوار الذي تناول فيه الكاتب الأول العديد من القضايا الالسياالسية والحزبية ،إضافة إلى مجموعة من النقط ندرجها في نص المقابلة ، كالتالي :

ادريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يعد واحدا من أبرز الوجوه الالسياالسية والحزبية بالمشهد الالسياالسي المغربي ، له تاريخ طويل من النضال والممارسة الالسياالسية على أعلى مستوى، تدرج في محطات عديدة، وكانت له بصمته الخاصة حتى وصل الآن إلى قيادة حزب عتيد، له ماض عظيم في وجدان عدد كبير من المغاربة، حتى كان لعقود طويلة الحزب رقم واحد في المغرب، بدون منازع حتى لا أقول بدون منافس..
حزب قاد الى جانب حزب الاستقلال المشهد الحزبي بالمغرب بزعامات كانت لها كاريزمة استثنائية يكفي أن نذكر الشهيد المهدي بنبركة، والقيادي التاريخي عبد الرحيم بوعبيد، والمجاهد الراحل عبد الرحمان اليوسفي وغيرها من الأهرامات التي تركت بصمة لن تمحي من تاريخ هذه البلاد العريقة..

فهل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قادرعلى العودة لتصدر المشهد الحزبي المغربي بقيادة ادريس لشكر؟..
وهل الحزب مازالت في جعبته مادة خام لصناعة زعامات إن لم نقل شبيهة ،على الأقل، تكون في مستوى تطلعات مناضلي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية؟..
ماذا ينقص ادريس لشكر لتجميع أسرة اليسار تحت يافطة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، وهل الحلم مازال قائما؟..
وهل خفت بريق الاتحاد الاشتراكي في زماننا الحالي، ولماذا، ومن المسؤول؟ ..
لماذا طفت بعض الصراعات الداخلية العادية إلى خارج مطبخ الحزب ، وأصبحت حديث الخاص والعام؟..
وماهو مستقبل الحزب في أفق استحقاقات 2021؟..
وماهي نظرته الواقعية للحروب الخفية التي تندلع بين الحين والآخر، وتستهدف أطر وقيادة الحزب؟ ..
وما رأيه فيما يعتمل في المجتمع والنخبة من نقاشات على مواقع التواصل الاجتماعي، وكان فيها حزب ادريس لشكر محور هذه النقاشات؟..
كل هذه الأسئلة وأخرى، سنناقشها مع الكاتب الأول الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.

اليوم ما طرحته من خلال الورقة التي قدمت بها هذا الحوار، قياسا على الكيفية التي تعيشها البشرية اليوم وضمنهم المغاربة، وما تنتظرهم غدا يجعل هذه الأسئلة مهمة ، ولابد أن يكون لنقاشنا ما يمكن أن يفيد ويستفيد منه المغاربة .

أكثر من أسبوع على وفاة الراحل المجاهد عبد الرحمان اليوسفي، ماهي كلمة ادريس لشكر في حق الراحل؟

كلمة في حق الراحل لن تكون منصفة .. لأنه يكفي الإجماع الذي وقع على الالسي عبد الرحمان من الشعب المغربي برمته، ابتدأ من الرعاية السامية لأخينا عبد الرحمان اليوسفي، والمكانة المرموقة التي وضعه فيها جلالة الملك ، سواء في زيارته له لما كان في المستشفى أو تلك الصورة التي جمعت مابين جلالته والراحل، والتي وثقت للتحية الخاصة التي عبر بها جلالته عن تقديره للراحل، وما تركته من انطباع لدى الرأي العام المغربي، أو من خلال قرار تسمية شارع باسمه الشخصي، وهو على قيد الحياة.. كلها دلالات حقيقية من طرف أعلى سلطة بالبلاد تقدم لنا قيمة الرجل ووزنه وهو قيد حياته ، إضافة إلى الإجماع الوطني الذي نتحدث عنه اليوم ،بشكل إيجابي وجدي تجاهه – بمن فيهم المختلفون معه قيد حياته إبان إدارته حكومة التناوب – ..

الأستاذ ادريس لشكر، تطرقت للإجماع الذي لقيه الراحل من طرف كل المغاربة،بمن فيهم المختلفون معه قيد حياته إبان إدارته حكومة التناوب ..
لكن راج مؤخرا نقاش ، مضمونه أن الأمور لم تكن على ما يرام ما بينكم والراحل عبد الرحمان اليوسفي،هل بالفعل هذا صحيح أم هناك من تفالسير لهذا المضمون ؟

بالعودة إلى التاريخ ،أنا والالسي عبد الرحمان، ننتمي لجيلين مختلفين..
ففي الوقت، الذي كان فيه السي عبد الرحمان في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1959، كان عمري آنذاك على مشارف الأربع سنوات..
السي عبد الرحمان لما خرج من المغرب ،كنت قد حصلت على الشهادة الابتدائية..
السي عبد الرحمان، غاب خمس عشرة سنة في المنفى ، وهنا كانت بداية تعرفي أو معرفتي بالمجتمع ، وبداية تكوين مرجعيتي وثقافتي ضد الظلم والاستبداد..، يعني أنه بداية تفتحي على أحوال العالم ومعرفته، وقتها كان السي عبد الرحمان بالمنفى خارج المغرب..، وبالتالي أول علاقة لي مباشرة معه كانت عن بعد، أي عن طريق السماع، ضمن القيادات الاتحادية التاريخية الموجودة بالمنفى..
ولما عاد إلى المغرب، لم تكن تجمعني به إطارات تنظيمية، لكن كنت ككافة الاتحاديين أتابع عن بعد تدخلاته في تدبير وإدارة الحزب..
في هذا السياق، كان التدخل الأول الذي عشناه معه خلال فترة الثمانينيات، من خلال الأوضاع الصعبة التي عاشها الحزب مع إضراب 20 يونيو 1981، ومع البيان التاريخي للمكتب السياسي في رفضه للاستفتاء حول الصحراء، وما أدى ذلك إلى اعتقال القيادة الحزبية ، إضافة إلى انسحاب الفريق الاشتراكي لأول المرة من البرلمان الذي لم يحضر للجلسة الافتتاحية التي يترأسها جلالة الملك .. إذن مع هذه الأوضاع الصعبة التي عاشها الحزب، كان يتطلب آنذاك الكثير من المسؤولية والكفاءة والجرأة ، في تدبير هذه المرحلة..
في هذا السياق، يمكن أن أقول إلى جانب الأخ عبد الواحد الراضي الذي عرف من قيادات الداخل، وهو سابق لي كجيل، يمكن لي أن اقول إنني تعرفت على السي عبد الرحمان ، الرجل القائد ، المناضل ، الصامد ، المسؤول ، المدبر للأوضاع الصعبة ،أي أنه تحمل وعمل على مجموعة من السبل منها تدبير الادارة الحزبية واتخاذ القرارات..
إذن، أخونا عبد الرحمان، دبر هذه المرحلة الصعبة المطبوعة بالاعتقالات والمحاكمات التي عاشها الحزب ، بما فيها الحركة الطلابية داخل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب التي عرفت آنذاك فشل أشغال المؤتمر الوطني 16 وما عرفه من أحداث تاريخية..
إذن في خضم كل هذه السياقات، كانت طبيعة العلاقة التي تجمعني بالسي عبد الرحمان ، علاقة مناضل قيادي في الشبيبة الاتحادية، وكمسؤول في الأجهزة الوسطية للحزب،حيث لم تستطع هذه العلاقة أن تتطور ونشتغل معا.

وبطبيعة الحال، في المجال السياسي، لكل منا شكله ومنهجيته وطريقة في اشتغاله،ولاشك أنه في هذه المرحلة ، كان هناك إخوان وأخوات أقرب إليه مني ،وبالتالي ماهي المحطة التي ستجعلني أقرب إلى الرجل؟..

مع سنة 1998، عند بداية حكومة التناوب، كنت من المؤمنين والمدافعين عن هذه المرحلة.. وحينها أخونا عبد الرحمان، ربما فوجئ بأن الحلقة التي كانت تحيط به في هذه المرحلة وتشتغل برفقته، كانت الأكثر رفضا للانتقال إلى حكومة التناوب ، حيث اشتغلت في المؤسسة التشريعية، ودافعت عن المرحلة برلمانيا وحزبيا.. وهنا بدأنا نعرف بعضنا بعضا.. لأننا كاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، كانت لنا مجموعة من المبادرات المتمثلة في المبادرات الحكومية التي كنا نعمل على دعمها ومساندتها، وفيها مبادرات حزبية وشعبية منها: إصلاح الانتخابات بالمغرب، موضوع عدم المساواة فيما يتعلق بإعطاء الجنسية للأبناء بين المرأة والرجل، وكذلك محاربة الفساد..، إذن هنا عرفت عن قرب السي عبد الرحمان، حيث كان لنا نقاش وتواصل.
كذلك، سنعرف بعضنا البعض أكثر، مع المؤتمر الوطني السادس سنة 2001، حيث سأعمل إلى جانبه في قيادة الحزب..، لهذا أقول، إنني كنت تلميذا، تعلم من حكمة الرجل، وكيفية تدبيره وإنصاته لقضايا الحزب ، إلى جانب قادة آخرين في الاتحاد ساهموا في تكويني وتربيتي الاتحادية.

نفهم من جوابكم ، أنه لم يكن هناك أي خلاف مابين الاستاذ ادريس لشكر والراحل السي عبد الرحمان اليوسفي، وكل ما قيل هو كلام غير واقعي؟

الرجل هو الأسلوب. الرجل لم يكن له خلاف مع أي أحد.. وكان يدبر قناعاته كما يؤمن بها.
الرجل، لما اختار الانسحاب من المشهد الحزبي، الذي يحيطون به، هم الذين يقولونه، وهناك من قوله أقوالا في الأسبوع الأخير لوفاته . وأنا أعرف الرجل، إنه كتوم وصامت ومسؤول، ومن الصعب أن تخرج منه موقفا لا يريد قوله ،لأنه يعتبر من الضروري أن يترك مسافة مع ما يحيط به من قضايا وإشكالات..
لقد كان الراحل رجلا مسؤولا، ولما استقال من الكتابة الأولى للحزب ، لم يتامر عنها وعن الحزب..
وأنا أقول بكل مسؤولية ، أن السي عبد الرحمان اليوسفي تميز بأنه لما تخلى عن مسؤولية الكتابة الأولى في الحزب ،لم يتدخل أبدا في الشؤون الحزبية ، وظلت كل علاقاته الحزبية، إنسانية ورفاقية مع إخوانه وأخواته في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.

في إطار هذا النقاش، قررتم الاستعداد لإحياء الذكرى الأربعينية للراحل عبد الرحمان اليوسفي بعد رفع الحجر الصحي،كيف سيكون الاحتفاء بهذا الهرم السياسي؟

رجل بهذا الإجماع ، شاءت الأقدار بأن يتوفى في ظروف الحجر الصحي، والتزاما بإجراءات الحجر، الاتحاديات والاتحاديين الذين يكنون له الوفاء إلى جانب محبيه من الشعب المغربي، كان بودهم أن يحضروا جنازته لتوديعه في جنازة الوداع الأخير ..
لهذا قرر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بأن يفتح المجال لهم ، حيث إنه على امتداد الوطن، وفي أكثر من 600 نقطة التأم الاتحاديات والاتحاديون (يوم الجمعة الأخير) في مقراتهم أو خارجها – مع الانضباط لشروط السلامة والوقاية – أو من خلال المنصات الرقمية، حيث توفقنا في أن نجتمع على كلمة واحدة من خلال قراءة الفاتحة ترحما على روح الراحل السي عبد الرحمان اليوسفي.
أما فيما يخص الحفل التأبيني للراحل والتحضير له، بطبيعة الحال، لا نعرف المعطيات التي ستفرزها الأسابيع القادمة مع قانون حالة الطوارئ الصحية، لذلك فإن هذه الذكرى الأربعينية، سنفكر فيها باستحضار عنصرين هامين، هما:
في حالة رفع الحجر الصحي ونهاية حالة الطوارئ الصحية، آنذاك سيسمح بأن ننظم مهرجانا كبيرا لتكريم الراحل، وبالتالي ستكون مناسبة لحضور الجميع.. وأما في حالة، أن ظروف حالة الطوارئ ستفرض المزيد من الإجراءات وما ستحمله من تطورات..، لذلك فإننا نفكر أن نوظف ما يعرف بتقنيات التواصل الرقمية عن بعد في الاحتفال بالذكرى الأربعينية للراحل..
لذا نحن حريصون، أنه على الصعيد الوطني، حتى مع الذين اختلفوا معنا، يعلن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أنهم سيكونون ضيوفنا، كما أننا سنحرص أن يحضر معنا كل محبي وأصدقاء الراحل من قادة المنطقة المغاربية والعالم العربي، وفي فلسطين، وأصدقائه بدول البحر الأبيض المتوسط، والأممية الاشتراكية..، لأنه ما يهمنا هو أن نشرك الجميع في تأبين وتكريم المجاهد عبد الرحمان اليوسفي.